رسالة السيد المسيح من دعوة كريمة إلى الإخاء والبر والتسامح ، فمن آمن بالمسيح واتبعه وأخذ بتعاليمه كان على تلك الصفات من الرأفة والرحمة.
وقوله تعالى : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) أي وجعلوا هم رهبانية ابتدعوها ..
وفى وصف الرهبانية بأنها مبتدعة ، إشارة إلى أنها مما فرضه أتباع المسيح على أنفسهم ، وألزموها إياها ، وأنها لم تكن مما فرضه الله عليهم .. فهم الذين ابتدعوا هذه الرهبنة تقربا إلى الله بالزهد فى متاع الحياة الدنيا ، والاستخفاف بمطالب النفس ، من هذا المتاع الزائل ..
وقوله تعالى : (ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) هو وصف آخر لهذه الرهبانية ، وأنها لم تكن مما كتب الله على أتباع المسيح ، وما شرع لهم من شريعة ..
وقوله تعالى : (إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) .. إلا هنا ملغاة ، بمعنى لكن أي ولكن ابتدعوها هم ابتغاء رضوان الله ، وطلبا لمزيد من الثواب عنده.
ويجوز أن تكون «إلا» استثناء عاملا ، بمعنى أننا «ما كتبناها عليهم» أي ما قبلناها منهم ، وما رضيناها لهم ، بعد أن جعلوها قربة لله ، ونذرا ألزموا أنفسهم به ، إلا لتكون خالصة لوجه الله ، قائمة على طريق العدل والإحسان .. فهذا هو الوصف الذي يقبلها الله عليه منهم ، فإن هم أقاموها على هذا الوجه كانت عملا مبرورا ، يقبله الله منهم ، ويجزيهم عليه أحسن الجزاء ..
وقوله تعالى : (فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) ـ أي فما رعى القوم هذه القربة حق رعايتها ، وما أقاموها على وجهها المرضى منها .. وذلك فى الأعم الأغلب منهم ، وإن كان بعضهم قد وفّاها حقها ، ورعاها حق رعايتها ، كما يشير إلى