وَالنَّخْلُ
ذاتُ الْأَكْمامِ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) ..
فالسماء مرفوعة
كالمظلة فوق الناس ، بلا عمد تقوم عليها ، وإنما يد القدرة هى التي تمسك بها ،
وتقيمها على ميزان دقيق لا ينحرف قيد أنملة : (وَالسَّماءَ رَفَعَها
وَوَضَعَ الْمِيزانَ) .. أي أقامها ، ووضع لها حسابا دقيقا ، وميزانا مضبوطا
تجرى عليه أمورها ..
وقوله تعالى : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ ..
وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ ..)
هو دعوة إلى أن
يقيم الناس أمرهم فى التعامل مع هذه العوالم على العدل والإحسان ، فلا ينحرف بهم
النظر عن مواقع الحق منها ، فذلك ضلال وخسران للميزان الذي وضعه الله سبحانه وتعالى
فى أيديهم ، وهو عقولهم التي من شأنها أن تضبط مسيرتهم فى الحياة ، كما تضبط
السماء دعائمها بهذا الميزان الذي وضعه الله سبحانه وتعالى لها ..
وفى قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) ـ إشارة إلى أن هذه الأرض ، هى فى خلافة الأنام ، وهم
الناس ، وأن معهم الميزان الذي يضبطون به أمور الأرض ، أشبه بذلك الميزان الذي
وضعه الله سبحانه لضبط السماء وعوالمها .. وفى هذا تكريم للإنسان ، ورفع لقدره ،
وإعطاؤه حكم هذه الأرض بالميزان الذي معه ، وهو العقل .. وهو بهذا الميزان استحق
أن يكون خليفة الله فى الأرض .. فإذا لم يقم أمرها على ميزان الحق والعدل والإحسان
، اضطرب أمره ، وفسد حاله ، وساء مصيره ..
(فِيها فاكِهَةٌ
وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) أي أن هذه الأرض التي وضعها الله