أخرى من المفعول به الفعل المحذوف ، أي تراهم خشعا أبصارهم ، وتراهم يحرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ..
والأجداث : جمع جدث ، وهو القبر الذي يلحد فيه الميت ..
وقد أشرنا من قبل إلى دلالة هذا التشبيه ، الذي شبّه به الموتى فى خروجهم من أجداثهم يوم البعث (١) ..
قوله تعالى :
* (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) ..
هو حال ثالثة من أحوال الناس يوم البعث ، أي تراهم فى هذا اليوم مهطعين إلى الداعي ، أي مسرعين إليه ، مستجيبين لدعوته ، منقادين لأمره .. وهو أمر الله ، الذي به يبعث الموتى من القبور : كما يقول سبحانه. (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ)
وقوله تعالى : (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) مقولة من مقولات الكافرين حين يلقاهم هذا اليوم .. إذ ما أكثر مقولات الندم والحسرة ، التي يتنادون بها فى هذا اليوم .. (يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ) .. (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) ..
____________________________________
الآيات : (٩ ـ ٤٢)
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ
__________________
(١) انظر في هذا الكتاب مبحث : «البعث ... على أيه صوره يقع» (ص : ٥٤٩)