فى هذا اليوم ، حيث قد صفرت أيديهم من كل شىء ، وتقطعت بينهم وبين أهليهم الأسباب ، فلا يلقاهم أحد من أولادهم وأهليهم إلا معرضا عنهم ، مشغولا بنفسه وبما يعانيه ـ إن كان من أهل النار ـ أو مشتغلا عنهم بنعيم الجنة ، ومنازعة أهلها طيّب الأحاديث ، وكئوس النعيم ـ إن كان من أهل الجنة ..
وفى التعبير بالماضي عن حديث المؤمنين فى هذا اليوم ، إشارة إلى أن هذا الحديث ، واقع من نفوس المؤمنين موقع اليقين وهم فى هذه الدنيا .. فهم يؤمنون بأن هذا هو الذي لا بد أن يكون يوم القيامة ..
قوله تعالى :
(وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) ـ هو من قول المؤمنين فى الآخرة ، وهو قولهم فى الدنيا ، وإيمانهم به .. فالمؤمنون على يقين بأن الظالمين لا نصير لهم ، ولا مدافع عنهم فى هذا اليوم ، فإنهم ممن أضلهم الله ، وسلك بهم مسالك الطريق إلى جهنم ، فليس لهم سبيل إلى طريق آخر إلى غير هذا المورد الذي هم مساقون إليه ..
قوله تعالى :
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ .. ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ)
هو دعوة إلى الظالمين ، المنحرفين عن طريق الهدى ، أن يستجيبوا لربهم ، وأن يقبلوا على ما دعاهم إليه من الإيمان به على لسان رسوله ، وذلك (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) أي لا مرد لهم فيه إلى الحياة الدنيا ، وليس لهم فيه من ملجأ يفرون إليه من هذا العذاب المحيط بهم فيه ، وليس لهم فى هذا اليوم من يقوم فيهم مقام المنكر عليهم ، ما هم فيه من ضلال ، فقد انتهت رسالة