ونقرأ الآية الكريمة :
(وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ ، وَأَقامُوا الصَّلاةَ ، وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ، وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).
وننظر مرة أخرى فى قوله تعالى : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) وفى مقام هذا المقطع من الآية ، بين ما سبقها ، وما جاء بعدها من كلمات الله ، فنرى كيف احتفاء الإسلام بالشورى ، وكيف أنه أفسح لها مكانا بين فريضتين من فرائضه ، هما الصلاة والزكاة ، اللتان آخى بينهما فى كل موضع جاء فيه ذكرهما فى القرآن الكريم .. كما يقول سبحانه : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣ : البقرة) ويقول جلّ شأنه : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٤٣ : البقرة) ويقول سبحانه : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) (٥٥ : مريم) ويقول عزّ من قائل : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) (٣١ : مريم) .. ويقول تبارك اسمه : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) (١ ـ ٤ : المؤمنون) .. والفصل بين الصلاة والزكاة بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) ـ ليس فصلا ، لأن الإعراض عن اللغو هنا ، هو من تمام الصلاة التي يحفها الخشوع والخشية .. أما الفصل بين الصلاة والزكاة بالشورى ، فهو لما للشورى من منزلة فى ذاتها ، وأنها جديرة بأن تكون فى هذا المقام ، وأن تتوسط أعظم فريضتين من فرائض الإسلام ، وأهم ركنين من أركانه ، بعد الإيمان بالله.
والسؤال هنا : لما ذا كانت الشورى بهذه المنزلة من الإسلام؟ ولما ذا تلتفت إليها الشريعة الإسلامية بهذا القدر ، وتنوّه بها إلى هذا الحدّ؟