وثانيا : أن الصلاة يؤديها المؤمن منفردا ، أو فى جماعة .. وهو فى حال انفراده يؤديها على الصورة التي يراها ، من حيث الطول والقصر فى أفعالها ، قياما ، وركوعا ، وسجودا .. أما فى حال أدائها فى جماعة ، فإنه ليس له هذا الخيار ، بعد أن يأخذ مكانه فى الجماعة ، وينتظم فى عقدها ، فهو والجماعة من وراء الإمام ، الذي يجب أن يلزموا متابعته فى كل حركاته وسكناته ..
والشورى ، صورة مقاربة للصلاة من هذا الوجه الذي صورناها به ..
فإذا كان الإنسان خاليا مع رأيه إزاء أمر من الأمور العارضة له ، كان له أن يتصرف فى هذا الأمر على الوجه الذي يراه بعقله ، ويؤديه إليه اجتهاده .. أما إذا دخل مع جماعة المسلمين فى أمر عام ، وأخذ مكانه بينهم وانتظم رأيه مع آرائهم على طريق سواء ، لم يكن له أن يخرج عن هذا الرأى الذي انتظمت وراءه آراؤهم ، والذي يتمثل لهم حينئذ فى صورة الإمام الذي يأتمون به فى الصلاة .. فكما لا يخرج المأموم فى الصلاة عن متابعة الإمام ، ولا يجوز له أن يستجيب لإرادته فى أن بطيل أو يقصّر ، فى قيام ، أو ركوع ، أو سجود ـ كذلك لا يجوز أن يخرج المؤمن عن الرأى الذي اجتمع عليه المسلمون بعد تشاورهم فيه ، وإن كان على خلاف ما يرى. فالرأى الذي أجمع عليه المسلمون هنا هو من رأى الإسلام ، والسبيل التي يسلكها المسلمون ـ متابعة لهذا الرأى ـ هى سبيل الله .. والله سبحانه وتعالى يقول : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) (١١٥ : النساء).
وثالثا : أن الصلاة فريضة عامة ، تجب على كل مسلم ومسلمة وجوب عين ،