من دين الله ، وأنهم كانوا من الإسلام فى موقف أشد ضلالا ، وأكثر بعدا من موقف إخوانهم المشركين أهل مكة .. إذ أن المشركين كانوا يعلمون صدق النبي ، ويدركون حقيقة ما يدعو إليه من إيمان بالله. أما هؤلاء الأعراب ، فإن جفاء طباعهم ، وغلظة أكبادهم ، حالت بينهم وبين أن يدركوا حقيقة هذا الدين ، ولم تتسع عقولهم لاستيعاب مراميه ، كما يقول سبحانه وتعالى فيهم : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) (٩٧ : التوبة) ـ فجاءت سورة «ق» تحدثهم عن إخوانهم المشركين ، وما كان لهم من تعلّات على دين الله .. ثم ها هم أولاء ، وقد دخل كثير منهم فى الإسلام ، ثم الإيمان ، هاهم أولاء قد أصبحوا فى جند الله المجاهدين فى سبيل الله .. وإذن فليكن لهؤلاء الأعراب أسوة فى إخوانهم هؤلاء ، الذين كانوا على الشرك والضلال ، ثم أصبحوا وقد لبسوا الإسلام دثارا ، والإيمان شعارا ..
وهكذا تبدو سورة «ق» وكأنها تعقيب على سورة «الفتح» واستعادة للماضى وأحداثه ، بين يدى هذا الحاضر المسعد ، والمستقبل المشرق ، فتعظم تلك النعمة التي يعيش المسلمون فيها مع هذا الفتح العظيم ، الذي لم يكن يراود أحلامهم ، فى يوم من الأيام ..
بسم الله الرحمن الرّحيم
____________________________________
الآيات (١١ ـ ١)
(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ