جواب لو لا محذوف ، دل عليه المقام ، وهو مقام تهديد للمشركين ، وتذكير لهم ، بجناياتهم الشنيعة على الدعوة الإسلامية ، وعلى المسلمين .. والتقدير : لو لا هؤلاء الرجال المؤمنون والنساء المؤمنات الذين يعيشون مع هؤلاء المشركين ولم يعلنوا إيمانهم ، وأنهم قد يؤخذون بما يؤخذ به المشركون لو وقعت الحرب بينهم وبين المسلمين ـ لو لا هذا لسلطكم الله عليهم يوم الفتح ، وهم تحت أيديكم ، ولذهبت سيوفكم بكثير من تلك الرءوس التي كانت تكيد للإسلام وتسوق الأذى والضر إلى أهله ..
وقوله تعالى : (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) هو صفة للمؤمنين والمؤمنات ، أي أن هؤلاء الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات ، كانوا يسرّون إيمانهم ، ويمسكون به فى قلوبهم .. خوفا من أهلهم المشركين ـ فهم فى نظر المؤمنين مشركون ، يؤخذون بما يؤخذ به المشركون ، لأنهم لا يعلمون عن إيمانهم شيئا ..
وقوله تعالى : (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ..
المعرّة : المذمة ، والعائبة التي تعيب الإنسان وتنقصه ..
وفى إسناد المعرة إلى هؤلاء المؤمنين والمؤمنات الذين يسرون إيمانهم ، فى قوله تعالى : (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ) ـ فى هذا إشارة إلى أن الذي يتوجه إلى المسلمين باللوم والعيب هم أولئك المؤمنون والمؤمنات أنفسهم ، لأنهم هم الذين يعلمون أنهم مؤمنون ، وأنهم قتلوا بيد إخوانهم المؤمنين ، الذين خفى عليهم إيمانهم ..
وقوله تعالى : (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) ـ هو تعليل لمفهوم المخالفة من جواب الشرط المحذوف ، أي لو لا رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم ، فتصيبكم منهم معرة بغير علم ـ لو لا هذا لسلطكم الله على المشركين ، ولكنه سبحانه لم يسلطكم عليهم ، ليدفع عنكم المعرّة ، بما تصيبون