هذا الصبر ، لما استسلم لعنترة ، بل وربما كان عنترة هو الذي يستسلم له.
وكثير من الحيوانات ، فى مختلف أجناسها ، تستخدم هذا السلاح فى لقاء عدوها .. فتستعرض كل ما عندها من قوّى جسدية ، ظاهرة ، أو خفية ، حتى تبدو فى صورة مخيفة مفزعة للعدو .. وقد تكون هذه الحركات قاضية على العدو من غير قتال ، فيجمد فى مكانه ويستسلم لعدوه!.
وإذا كان الجهاد والقتال فريضة واجبة الأداء على كل قادر من المسلمين ، متى دعت دواعى الجهاد ، ولزم القتال ـ لأنه لا يقوم أمر الجماعة الإسلامية ، فى المجتمع الإنسانى إلا إذا كانت ذا قدرة على حماية وجودها ، ودفع الأيدى الباغية عليها ـ نقول إذ كان شأن الجهاد على تلك الصفة فى الإسلام ، فقد كان من تدبير الإسلام أن التفت التفاتا قويّا إلى هذا الجانب من الحرب الذي يعرف فى عصرنا هذا ، بالحرب النفسية ، فوضع بين يدى جند الله ، المجاهدين فى سبيله منهجا متكاملا للتدريب على هذه الحرب ، واستخدام أسلحتها ، والضرب بهذه الأسلحة حيث تقع الضربة ، فتصيب الصميم مما وقعت عليه ..
ومن تدبير الإسلام فى هذا :
أولا : أنه هوّن على المؤمنين خطب الموت ، وذلك بإيمانهم بالحياة الآخرة إيمانا يشعرون معه أن الموت ليس إلا انتقالا من عالم إلى عالم أرحب ، وأفسح ،. ومن هنا فلا ينظرون إلى الموت على أنه فناء أبدى للميت ، وضياع لا نهائى لمن بموت ، كما ينظر إلى ذلك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر .. إنه ليس معهم إلا هذه الحياة الدنيا ، وأنهم إذا فارقوها ، فارقوها إلى غير رجعة أبدا .. فهم لهذا أحرص ما يكونون على حياتهم هذه ، وأشد ما يكون جزعا إذا ذكروا الموت ، أو أحسوا قرب الأجل ..