وجها وجها ، ومن هؤلاء الصحابىّ حذيفة بن اليمان ، رضى الله عنه .. وقد كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه ـ بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوسلم ـ يسأل حذيفة أن ينظر إليه ، ليرى إن كان فيه نفاق أم لا .. فيقول : يا حذيفة .. أنت صاحب سرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكنت تعرف المنافقين ، وتعهدهم على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فانظر ما فىّ من النفاق ، فعرفنى به ، فيقول : يا أمير المؤمنين : لا أعلم فيك نفاقا .. فيقول عمر : انظر ودقق النظر ، فيبكى حذيفة ويبكى عمر ، رضى الله عنهما ..
وقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) أي أنه سبحانه ، لا يؤاخذ على ما تكنّه الضمائر ، وما تخفيه الصدور ، ولكنه يؤاخذ على ما يقع من أعمال ، إذ هى التي يكون لها آثارها فى الحياة ، وفى الناس .. وهذا هو بعض السرّ ، فى جعل فاصلة الآية (أَعْمالَكُمْ) على حين جاء فاصلة الآية (٢٦) : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) .. لأن هنا مقاما ، وهناك مقاما .. فهنا حساب للمنافقين على جرائمهم التي تقع من أعمالهم ، أو أقوالهم ، التي تجرى مجرى الأعمال .. وهناك محاسبة للمنافقين على أقوال جرت فى الخفاء بينهم وبين اليهود .. فهى سرّ بالنسبة إلى المؤمنين ، لأنه جرى بعيدا عنهم ، وقد كشف الله سبحانه هذا السرّ ، وفضح أهله ، .. فقال سبحانه (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) ..
____________________________________
الآيات (٣٨ ـ ٣١)
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا