لتتعرف عليهم ، من حديثهم ، وما يجرى على ألسنتهم من زور وبهتان .. فإن كلمة الزور تخرج باهتة ، عليها مسحة من الخزي والتخاذل ..
فوقوع الفعل «تعرف» جوابا لقسم ، الأمر الذي أوجب توكيده ـ إشارة إلى أن هذا الفعل واقع لا محالة ، وخاصة إذا كان القسم الواقع عليه ، من الله سبحانه .. ولهذا فإن هذه الجملة جملة خبرية ، تحدّث عن أمر سيقع مستقبلا على سبيل القطع والتوكيد .. فهذا وعد موثق مؤكد من الله تعالى للنبى الكريم ، بأنه سيعرف المنافقين من لحن القول .. والتوثيق والتوكيد لهذا الخبر ، لا لإزالة شك من النبي فى تحقيق ما يخبر به من ربه ، فإن الرسول الكريم على ثقة وإيمان مطقين بالله ، وبقدرة الله .. ولكن توكيد هذا الخبر وتوثيقه ، يحمل أكثر من دلالة :
فأولا : إلفات النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إلفاتا قويا إلى المنافقين. ومراقبتهم مراقبة دائمة ، وخاصة فيما يجرى على ألسنتهم من كلام ..
وثانيا : أنه إذا اشتبه على النبي أمر فى أحد مرضى القلوب من المسلمين ، فلا يدعه معلقا فى حبال هذه الشبهة ، بل ينبغى ، أن يكشف عنه كشفا دقيقا ، بهذا المشير الذي يعرف به أهل النفاق ، مما يجرى على ألسنتهم من مقولات .. فإذا كشف هذا الاختبار عن هذا الإنسان أنه منافق ، فهو من المنافقين ، وإلا كان من المؤمنين ، فإنه إذا برىء المؤمن من النفاق فقد سلم له دينه ، على أي حال كان عليه ..
ولحن القول ، هو ما يندسّ فى الكلام من معان خفية ، ذات دلالات وإشارات ، يعرفها المنافقون فيما بينهم ، ويتعاملون بها ، وسمى هذا الضرب من الكلام لحنا ، لأنه يخرج فى صورة خادعة من النظم ، تتماوج فيها المعاني ، وتتراقص الكلمات ، فتتناغم العبارات ، فتخرج أشبه باللحن الموسيقى الذي