وفى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا) وقوله تعالى : (وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) ـ ما يشير إلى أن تحصيل العلم ليس غاية فى ذاته ، وإنما هو وسيلة إلى تحصيل الهدى ، وبالهدى يكون تحصيل الصفات الطيبة ، التي تكمّل الإنسان ، وتجمّله ، وإنه لا أكمل ، ولا أجمل من التقوى .. كما يقول سبحانه : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) (٢٦ : الأعراف) وقوله سبحانه. (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) (١٩٧ : البقرة) ..
ومن أجل هذا ـ والله أعلم ـ جاء فعل الهدى محمولا على فاعله : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا) .. على حين جاء إتيان التقوى مسندا إلى الفعّال المريد ، الله رب العالمين : (وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) لأن التقوى مطلب مسير ، ومقام كريم ، تمتد به يد الرحيم الكريم ، إلى من أخذوا بالأسباب إلى التقوى ..
قوله تعالى :
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ).
الاستفهام هنا إنكارى ، تقريعى ، تهديدى ، ينكر على المشركين موقفهم هذا ، من الإيمان بالله وبرسول الله ، ويقرّعهم على أنهم لم يفتحوا أبصارهم ولا بصائرهم لهذا النور الذي بين أيديهم ، ولا إلى هذه المثلاث التي حلّت بالأمم من قبلهم .. ثم يتهددهم بالعذاب الذي يلقاهم يوم القيامة ، وقد قرب يومها ، وجاءت أشراطها ، أي العلامات المنذرة بمقدمها ..
فهؤلاء المشركون .. ما ذا ينتظرون؟ هل ينتظرون ـ إن انتظر بهم ـ إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون؟ ... وإنها لآية لا ريب فيها .. فكيف يكون حالهم إذا جاءتهم ، وقدّموا للحساب والجزاء؟ .. هل ينفعهم شىء فى هذا اليوم؟ وهل من سبيل إلى أن يصلحوا ما أفسدوا؟ كلا ، فقد انتهى وقت