المجلس ـ فحضورهم مجلس النبي له غاية ينتهى إليها ، وتلك الغاية هى الخروج من عند النبي ، وموقفهم المؤمنين قائلين لهم : (ما ذا قالَ آنِفاً؟) ..
وواضح أن هؤلاء الذين أشارت إليهم الآية فى قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) ـ واضح أن هؤلاء من المشركين المنافقين الذين جاءوا إلى النبي يستمعون إلى ما يقول ، وهم على شركهم ، وإن أعلنوا إسلامهم ، ودخلوا فى المسلمين ..
ولذين أوتوا العلم فى قوله تعالى : (قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) هم المسلمون ، الذين دخلوا فى الإسلام مؤمنين ، وكانوا فى مجلس النبي يستمعون لآيات الله تتلى عليهم .. فهؤلاء المسلمون المؤمنون ، هم أهل علم بما استمعوا إليه من آيات الله ، وكلماته .. لأنهم استمعوا بآذان مصيغة ، وقلوب واعية ، وعقول متحررة من التبعية والتقليد الأعمى .. ومن هنا كان لهم هذا العلم الذي حصلوه من آيات الله التي استمعوا إليها .. وفى هذا تعريض بالمنافقين ، ووصفهم بالجهل والغباء والبلادة .. وأنهم لو كانوا على حظ من العقل والإدراك ، لكانوا من الذين أوتوا العلم ، الذين جلسوا فى مجلسهم ، واستمعوا إلى ما استمعوا إليه ، ولكن شتان بين أذنين تسمعان .. أذن إنسان ، وأذن حيوان!!.
فهؤلاء المنافقون ، الذين استمعوا إلى النبىّ ، قد فضحوا أنفسهم ، وكشفوا عن غبائهم ، إذ جاءوا يسألون عن مضمون كلام استمعوا إليه ، دون أن يدركوا له معنى ، مع أن هذا الكلام قد أفاء على من استمعوا إليه ، وأحسنوا الاستماع ـ قد أفاء عليهم علما ، وخلع عليهم خلعة العلماء ، فكانوا من الذين أوتوا العلم ، يسألهم المشركون المنافقون هذا السؤال النبىّ : (ما ذا قالَ آنِفاً)؟