وقوله تعالى : (فَضَرْبَ الرِّقابِ) أي فاضربوا الرقاب .. وقد أقيم مصدر الفعل مقام الفعل ، للإشارة إلى أنه لا يكون للمؤمنين فى لقاء الكافرين أي فعل أو شأن ، إلا الضرب ، والضرب للرقاب ..
والمصدر هو أصل لما يشتق منه من أفعال وصفات ، وأسماء .. وهذا يعنى أنه جامع لكل معنى يشتق منه .. وهذا يعنى أن تسليط المصدر على شىء ، هو قصر كل معطيات المصدر على هذا الشيء وحده ، دون التفات إلى شىء غيره ..
وهنا فى هذا المصدر (فَضَرْبَ الرِّقابِ) .. قد سلّط المصدر على الرقاب ، فكان هذا قاضيا بألا يكون للمؤمنين شأن فى موقف القتال مع الذين كفروا ـ إلا الضرب ، والضرب فى الرقاب ، دون غيرها ..
والمراد بضرب الرقاب ، الضرب فى موطن القتل ، لا فى موطن آخر ، كالأطراف ونحوها ، حيث لا يكون القتل محققا بضربها ..
هذا ، وليس الضرب للرقاب أمرا لازما لا بد منه ، إلا إذا أمكن ، وسنحت الفرصة للمؤمن من ضرب الكافر الضربة القاتلة .. أما حين لا يمكن ضرب العنق ، أو الضرب فى مقتل ، فليضرب حيث أمكنه الضرب ، فى الأطراف أو غيرها ..
أما فائدة الأمر بضرب الرقاب ، فهو لعزل شعور المسلمين عن الاستبقاء على من أمكنتهم الفرصة فيهم من الكافرين ، وقدروا على قتلهم ، يريدون بذلك أسرهم ، وجعلهم من مغانم الحرب .. وهذا من شأنه ألا يقيم نظر المسلم على الجهاد فى سبيل الله ، وجعله خالصا له ، إذ كان ينظر إلى ما يقع ليده من مغانم ، وهذا بدوره يدعو المسلم إلى الحرص على حياته ، والنجاة من القتل ، حتى