ففى مواجهة القرآن للمشركين بعد هذا ، وفى لقائهم بما شبّه عليهم من أمر البعث ، الذي كان السبب الأول فى تكذيبهم للرسول ، وإنكارهم لكل ما جاءهم به ـ فى هذا ما يجعل هؤلاء المشركين يلقون قضية البعث لقاء مجدّدا ، قد يفتح لكثير منهم الطريق إلى الحق والهدى .. فقد رأوا ما بين يدى الله من قدرة قادرة ، ملك بها هذا الوجود زمانا ومكانا وخلقا وتصريفا ، وأنه سبحانه الذي خلق السموات والأرض ، وما عليهما ، وما فيهما ، وما بينهما .. فكيف ينكر عاقل على الله ـ وتلك بعض مظاهر قدرته ـ أن يحيى الموتى ، ويبعثهم من قبورهم؟ (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً؟) فهؤلاء الموتى لم يكونوا شيئا ، فإعادتهم إلى الحياة بعد الموت ، أيسر ، وأقرب ـ فى حدود النظرة الإنسانية ـ من خلقهم الأول ، ولم يكونوا شيئا!!
وقوله تعالى :
(بَلى) أداة يجاب بها فى الإثبات للمستفهم عنه ، الواقع فى حين استفهام منفىّ .. أي بلى ، قادر على أن يحيى الموتى .. وهذا الجواب ، هو الجواب الحق ، الذي ينطق به الوجود كلّه ، وهو حجة ملزمة للمشركين ، سواء أنطقوا به أو لم ينطقوا ..
وقوله تعالى :
(إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تقرير للجواب ، وتأكيد له ..
قوله تعالى :
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) :