أصحاب العقول السقيمة ، والنفوس الخبيثة ، كما يسقط خسيس الطير على الجيف.
واختصاص المترفين بالذكر هنا ، لأنهم هم الذين يقومون دائما فى وجه كل دعوة تخرج بالنّاس عما هم فيه من حال إلى حال ، فإن هذا التحول يؤذن أهل الترف والغنى بأن يخرجوا عما هم فيه .. ومن هنا كان أكثر الناس حربا وأشدهم عداوة لدعوات الإصلاح ، هم أصحاب المال ، والجاه والسلطان ، حيث لا يريدون تحوّلا عن حالهم التي هم فيها.
قوله تعالى :
(قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ؟ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).
أي أنه إذا جاء الرسول ، يحاجّ هؤلاء المترفين ، ويردّ عليهم قولهم هذا الذي يقولونه عن موروثاتهم من آبائهم ، فقال لهم : (أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ؟) أي أنظلّون ممسكين بهذا الذي ورثتموه عن آبائكم ، ولو دعوتكم إلى ما هو خير منه طريقا ، وأهدى سبيلا؟ ـ فلا يتلقى الرسول منهم إلّا إصرارا على ما هم فيه ، وإلّا كفرا وتكذيبا بما يدعوهم إليه ..
وفى مخاطبة الرسول لهم فردا ، وردّهم على الرسل جمعا ـ فى هذا إشارة إلى أن هذا هو الجواب الذي تلقاه الرسل جميعا من المترفين من أقوامهم.
قوله تعالى :
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ).
هو إنذار لهؤلاء المشركين ، وتهديد لهم بأن يلقوا ما لقى المكذبون قبلهم من نقمة الله ، ومن عذابه فى الدنيا والآخرة .. وفى هذا وعد كريم للنبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بالنصر والتأييد.