ولقد أنذر نوح قومه ، وبالغ فى إنذارهم ، فلم يستمعوا له ، ولم يقبلوا منه قولا .. فلما يئس منهم لجأ إلى ربه شاكيا : (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً* وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) (٥ ـ ٧ : نوح).
فلما بلغ به اليأس مداه ، دعا ربه أن يأخذهم بعاجل ذنوبهم : (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٢٦ ـ ٢٧ : نوح).
وقد استجاب الله لنوح ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) أي نادانا نوح مستغيثا بنا ، فأجبناه .. فنعم المجيبون نحن ، حيث يجد من يجيبه إلى طلبه .. ويمنحه نصرا عزيزا وفتحا مبينا.
فتباركت يا الله وتعاليت .. وخاب من طرق بابا غير بابك ، ووجه وجها إلى غير وجهك!.
(وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).
معطوف على قوله تعالى : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) أي دعانا نوح ، فاستجبنا له ، (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) أي من البلاء العظيم ، الذي أخذ الظالمين ، وهو الطوفان!.
(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ).
وإذ كان المؤمنون هم أهله ، وهم الذين نجوا من هذا الطوفان ، فقد كان منهم ذريته التي بقي بها نسله ، جيلا بعد جيل ..