الكوكبين ـ الشمس والقمر ـ واختصاصهما بالذكر لأنهما أظهر الكواكب وأكثرها أثرا فى العالم الأرضى ..
فهما بهذا السلطان ، قد فتنا كثيرا من الناس ، حتى لقد اتخذهما بعض الشعوب آلهة يعبدونها من دون الله ، فى صور وأشكال شتّى من المراسم والطقوس.
وقوله تعالى : (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) أمر بعبادة الإله المستحق للعبادة ، وهو الخالق ، لا المخلوق .. فالشمس والقمر مما خلق الله ، وعبادتهما ضلال ..
وفى عود الضمير على الشمس والقمر جمعا للمؤنث العاقل فى قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَهُنَّ) ـ فى هذا أكثر من إشارة :
فأولا : الإشارة ضمنا إلى النهى عن عبادة الليل والنهار ، لأن النهى عن عبادة الشمس والقمر ، يتضمن ـ من باب أولى ـ النهى عن عبادة الليل والنهار ، إذ كان الليل والنهار من مواليد الشمس ، فهذا أشبه بالمخلوقين التابعين لهما ، فإذا وقع النهى على عبادتهما ، شمل ذلك النهى عن عبادة توابعهما ، ولهذا جاء الضمير جمعا : (الَّذِي خَلَقَهُنَّ).
وثانيا : الإشارة إلى أن هذه المخلوقات الليل والنهار والشمس والقمر ، وإن بدت جمادا صامتا فى نظر الإنسان ، فإنها عند الله سبحانه وتعالى تسمع ، وتبصر ، وتعقل ، وتتلقى أمر الله سبحانه وتستجيب له فى ولاء مطلق .. ولهذا جاء الضمير للعقلاء.
وثالثا : الإشارة إلى أن هذه العوالم من ليل ونهار ، وشمس ، وقمر ، وإن بدت ذات سلطان قائم على الناس ، إلا أنها إلى جانب قدرة الله مستسلمة