إنهم فى سبيل الغلب بالمماحكة والجدل ، يؤمنون بالله ، ويؤمنون بمشيئته فى خلقه ، وبتصريفه المطلق لكل أمر .. فيقولون ردّا على قول الله أو الرسول أو المؤمنين لهم : (أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) ـ يقولون : (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ؟) إن تلك هى مشيئة الله فى هؤلاء الجياع الذين ندعى إلى إطعامهم .. إن الله أراد لهم أن يجوعوا ، ولو أراد أن يطعمهم لأطعمهم .. فإنه قادر ، وخزئنه لا تنفد!! فلم يدعوننا نحن إلى إطعامهم ، وهو القادر ، ونحن العاجزون ، وهو الغنى ونحن الفقراء؟ إن أنتم أيها المؤمنون (إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)! لا تعرفون الله ، ولا تقدرونه قدره!!.
وهذا الرد من المشركين ، هو ردّ من خذله الله ، وأضله على علم .. فهم إذ يدعون إلى الإيمان بالله ، لا يسمعون ، ولا يعقلون .. وهم إذا دعوا إلى ما تقتضيه دواعى المروءة الإنسانية ، من الإحسان إلى إخوانهم الفقراء ، يقيمون من الله ، ومن علمه وقدرته حجة كيدية ، يبطلون بها الدعوة التي يدعون إليها .. ولو أنهم كانوا مؤمنين بالله ، معترفين بمشيئته فى خلقه ، لاستجابوا لما يدعوهم الله إليه ، من الإنفاق فى سبيل الله ..
وفى الإظهار بدل الإضمار فى قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بدلا من قالوا ـ كشف عن الوصف الذي هو ملتصق بهم ، وهو الكفر ..
قوله تعالى :
* (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
الوعد : هو يوم القيامة ، الذي يعدهم الرسول به ، ويدعوهم إلى الاستعداد للقائه.
وسؤال المشركين عن موعد هذا اليوم ، هو على سبيل التكذيب به ،