والذي لا شك فيه هو أن «إلياس» عليهالسلام كان معروفا عند العرب ، فيما يحدثهم به اليهود عن أنبيائهم ..
وإلياس ، هو المذكور فى التوراة باسم إيليا بن متى .. وهو من أنبياء بنى إسرائيل ، الذين سبقوا زكريا ويحيى عليهماالسلام ..
وقد كان اليهود ، لجفاء طبعهم ، وبلادة حسهم ، وكلب أنانيتهم ـ ينظرون إلى الله نظرا قاصرا محدودا ، فيرونه إله إسرائيل ، لا إله العالمين ، ومن ثمّ جعلوه قائد جيوشهم ، وسموه «رب الجنود» ثم تمادوا فى هذا التصور الخاطئ لجلال الله وعظمته ، فتصوروه رجلا شديد البأس ، مثل فرعون الذي كانوا يرون فيه أقصى ما يمكن أن يتصوروا من قوة ، حتى لقد امتلأت التوراة بالحديث عن الله ، بأنه «رجل حرب». وحتى إنهم ليتحدثون إليه على لسان أنبيائهم كحديثهم مع واحد منهم ..
فكانت دعوة إلياس ـ عليهالسلام ـ إلى اليهود ، هى أن يصححوا هذا الفهم القاصر الجهول ، لله ، وأن يقيموا وجوههم إليه على أنه ربّ العالمين!
فقوله : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً؟) إنكار عليهم أن يدعوا الله بعلا .. والبعل هو الرجل ، كما فى قوله تعالى : (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً؟ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) (٧٢ : هود).
وقوله : (وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ* اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)؟ أي أتدعون الله رجلا ، وتلبسونه صفات الرجال ، وتتركون دعوته بالصفات اللائقة به ، وهو أحسن الخالقين ، ورب العالمين؟.
قوله تعالى :
* (فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ* إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ).