روى أن لبيدا الشاعر ، تلقّى من أحد الأمراء عطاء جزلا ، وكان قد حرّم على نفسه أن يقول شعرا بعد أن أسلم ، فقال لابنته ـ وكانت شاعرة ـ أجيبى عنى الأمير ، فمدحته بقصيدة ختمتها بقولها :
فعد إنّ الكريم له معاد |
|
|
وظنى بابن أروى أن يعودا |
فقال لها أبوها أحسنت يا بنية ، لو لا أنك سألت!! فقالت : إن الملوك لا يستحى من مسألتهم! فقال لها أبوها ، وأنت فى هذا أشعر!!
فالمنّ إنما يستقبح حين يكون بين الأنداد ، أو المتقاربين منزلة .. أما حين يكون المنّ من عظيم لصغير ، فهو تنويه به ، وهو مدح له ، وهو ثناء ، عليه ..
فقوله تعالى : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ) ـ هو تنويه بشأنهما ، ورفع لقدرهما عند الله ، وأنهما أهل لفضله وإحسانه ..
قوله تعالى :
* (وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).
الكرب العظيم : هو ما كان فيه بنو إسرائيل من محنة قاسية تحت يد فرعون ، كما يقول سبحانه : (وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ* مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) (٣٠ ـ ٣١ : الدخان).
فهذا من منن الله سبحانه وتعالى على عبديه ، موسى وهرون ، وعلى قومهما ، إذ نجاهما من هذا البلاء المبين ، الذي كانوا فيه تحت يد فرعون.
قوله تعالى :
* (وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) ..