وقال أبو نعيم : كان سفيان يذكر الموت فلا ينتفع به أياما (١).
وقال يوسف بن أسباط : كان سفيان طويل الحزن ، كان يبول الدّم من حزنه وتكدّره (٢).
وقال عصام بن يزيد [المعروف بابن] (٣) جبر : ربّما كان يأخذ سفيان في التفكّر ، فينظر إليه النّاظر فيقول : مجنون (٤).
وقال عطاء الخفّاف : ما لقيت سفيان إلّا باكيا ، فقلت : ما شأنك؟ فقال : أخاف أن أكون في أمّ الكتاب شقيّا (٥).
قال يحيى بن يمان : سمعت سفيان يقول : العالم طبيب الدّين ، والدّرهم داء الدّين ، فإذا جرّ الطّيب الدّاء إلى نفسه فمتى يداوي غيره (٦)؟.
وقال أبو أسامة ، سمعت سفيان يقول : ليس طلب الحديث من عدّة الموت ، لكنّه علة يتشاغل به (٧).
قلت : طلب الحديث قدر زائد على طلب العلم ، وهو لقب لأمور عرفيّة قليلة المدخل في العلم ، فإذا كان فنون عديدة من علم الآثار النّبويّة بهذه المثابة ، فما ظنّك بطلب علم الجدل والعقليّات والمنطق اليونانيّ؟ آه ، وا حسرتاه على قلّة من يعرف دين الإسلام كما ينبغي ، وما أحلّ في القليل المتعيّن ، إذا كان مثل سفيان يودّ أن ينجو من علمه كفافا ، فما نقول. نحن؟ وا غوثاه بالله.
قال الخريبيّ : سمعت سفيان يقول : ليس شيء أنفع للناس من الحديث.
__________________
(١) تقدمة المعرفة ١ / ٨٥.
(٢) حلية الأولياء ٧ / ٢٣ ، صفة الصفوة ٣ / ١٤٩.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من الحلية.
(٤) حلية الأولياء ٦ / ٣٩٢.
(٥) حلية الأولياء ٧ / ٥١.
(٦) حلية الأولياء ٦ / ٣٦١.
(٧) حلية الأولياء ٦ / ٣٦٤.