وقضية خلق الإنسان ، كما جاء بها القرآن ، تلتقى مع العقل ، فى كل طور من أطواره ، صعودا ، أو نزولا ..
ففى القرآن الكريم عشرات من الصور التي خرج بها الإنسان إلى هذا العالم .. وهذه الصور وإن اختلفت مظهرا ، فإنها تلتقى جميعا في مضمونها ومحتواها.
فالعقل في أدنى مستوياته يلتقى مثلا مع قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) (١٣ : الحجرات) وتلك حقيقة لا يستعلى عليها العقل في أعلى منازله ، ولا يستغنى عن الأخذ بها ..
فإذا ترقى العقل شيئا كان له لقاء آخر مع قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) (١ : النساء).
ثم ما يزال العقل يلتقى مع آيات الله ، آية آية .. فيجد في كل آية منها لونا جديدا ، تزداد به الصورة وضوحا ، وعمقا ..
ومن هذه الآيات :
ـ (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ* فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) (٢٠ ـ ٢١ المرسلات).
ـ (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١٧ : نوح).
ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (١٢ : المؤمنون).
ـ (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) (١٤ : الرحمن).
ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٢٦ : الحجر).
ـ (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) (٤٥ : النور).
فهذه الآيات ، وكثير غيرها مما جاء في خلق الإنسان ، تضع العقل أمام قضايا ، ومقررات ، كلها تحدث عن خلق الإنسان ، وبعضها واضح جلى ،