من أحواله ، وفى كل موقف من مواقفه ـ جلال الله ، وسلطان الله ، فيخشاه ويتّقى حرماته ، ولا يجد الجرأة على تعدّى حدوده ..
ومن جهة أخرى ، فإن هذه الطبيعة التي من شأنها أن تخشى الله بالغيب ، وتتوقّى الوقوع فى الإثم ـ هذه الطبيعة لا يقيمها على الطريق القويم ، ولا يجلو بصيرتها جلاء ترى على ضوئه ما لله ـ سبحانه ـ من كمال ، وجلال ، وسلطان ـ إلا الصلاة ، وإقامتها على وجهها الصحيح .. فهى التي تعطى الخشية مضمونا ذا قيمة مؤثرة فى سلوك الإنسان ، كما أن الخشية هى التي تعطى الصلاة قدرا وأثرا .. فالصلاة من غير خشية لا ثمرة لها ، ولا خير منها .. والخشية التي لا تغذّيها الصلاة وتنميها ، هى زرع حبس عنه الماء ، فلا يلبث أن يذوى ، ويذبل ، ثم يجفّ ويموت
فمن الخشية لله ، أن تقام الصلاة ، فمن لا يخشى الله لا يقيمها ، ومن أقامها على غير خشية ، فلا نفع له منها ..
فخشية الله ، هى أساس الإيمان ، وملاك كل عمل يعمله المؤمن بالله .. فإذا خلا قلب الإنسان من خشية الله ، لم يكن ثمة إيمان ، ولم يكن ثمة عمل يقوم فى ظل هذا الإيمان ..
وفى الحديث الشريف : «لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر شاربها وهو مؤمن» .. فالمراد بنفي الإيمان هنا ، هو نفى الخشية من الله ، عند ارتكاب هذه المنكرات .. فلو كان الإنسان المواجه لهذه المنكرات على خشية من الله ؛ ما أقدم على اقتراف واحدة منها ..
فالخشية المطلوبة من المؤمن ، خشية دائمة ، متجددة .. ومن هنا كان التعبير عنها بفعل الاستمرار والتجدد ..