أي كثير الملوحة ثم إنهما مع هذا الاختلاف ، يثمران للإنسان ثمرا ، يجنبه منهما على سواء ، فمن الماء العذب والماء الملح ، يأكل لحما طريا ، هو ما يستخرج منهما من أنواع السمك .. كما يستخرج منهما حلىّ تلبس للزينة ، كاللؤلؤ ، والمرجان ، وأنواع الصدف ، وغيرها .. وعلى كلا البحرين ـ العذب والملح ـ تجرى السفن محملة بالبضائع والأمتعة ، والناس
وفى الآية الكريمة أكثر من إشارة.
فأولا : الناس ، وأصلهم من ماء ، كهذا الماء. هم هذه النطفة ، وقد فرقت القدرة الإلهية بينهم ، كما فرقت بين العذب والملح فهناك المؤمنون والكافرون ، وهما غير متساويين ، كما أن الماء العذب والماء الملح غير متساويين.
وثانيا : الماء العذب ، بقا له المؤمن ، والماء الملح ، يقابله الكافر. والمؤمن طيب ، مقبول فى الحياة الإنسانية .. إنّه الحياة التي تمسك بوجودها على الصحة والسلامة ، كالماء العذب ، فهو الذي يمسك حياة الأحياء ، ويقيم وجودها ..
وثالثا : الماء الملح ، وهو على ما به من ملوحة لا تقبلها النفس ، يشارك الماء العذب ، فى استكمال حياة الناس ، وفى جلب كثير من المصالح لهم. وكذلك الكافر ، إنه ـ على ما به ـ يشارك فى بناء الحياة الإنسانية ، ويمثلّ جانبا مهمّا منها. إنه الكفة الأخرى التي يعتدل بها ميزان الحياة .. وإنه لولا الكافر ، ما استبان وجه المؤمن ، ولا عرف فضله ، ومقامه ..
ورابعا : الماء الملح ، هو الكثرة الغالبة فيما على الأرض من ماء ، وكذلك الكفر ، هو الوجه العريض فى دنيا الناس ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ ـ وَلَوْ حَرَصْتَ ـ بِمُؤْمِنِينَ) (١٠٣ : يوسف)
وخامسا : أنه برسالات السماء ، وهدى الرسل ، يخرج المؤمنون من أحشاء