إنهم يرون الخير كلّ الخير ، والحق كلّ الحقّ ، فيما هم فيه .. ومن كان على هذا الرأى فيما عنده ، فلن يقبل بحال أن يستبدل به غيره أبدا ..
وفى النظم القرآنى كلام محذوف ، دل عليه السياق ، والتقدير : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) أيستجيب لداع يدعوه إلى غير هذا الذي زيّن له؟ ذلك ما لا يكون .. وهؤلاء المشركون الذين أمسكوا بشركهم ، قد زيّن لهم هذا الشرك ، فرأوه حسنا .. وإذن فلا يرجى منهم أن يستجيبوا لك أبدا .. ومن هنا فإن الأسى عليهم ، والجزع من المصير الذي هم صائرون إليه ـ لا محلّ له ، إذ كان هو المنزل الذي تخيّروه ورضوا به ، وإذ كان ذلك هو الزاد الذي لن يستسيغوا غيره. (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ).!
ـ وفى قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) إشارة إلى قضاء الله فى هؤلاء المشركين ، فإنهم ممن أضلهم الله .. (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) (١٧ : الكهف)
قوله تعالى :
(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ).
مناسبة هذه الآية لما قبلها ، هى أن الله سبحانه وتعالى ، يبعث رسله بالرحمة إلى عباده ، فيقبلها قوم ، وبأباها آخرون. فهى أشبه بالغيث ، ينزل من السماء ، فتحيا بها أماكن منها ، وتخرج الحبّ والثمر ، على حين يتحول به بعضها إلى أحراش ، تؤوي الهوام والحشرات.
ـ وقوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ ، فَتُثِيرُ سَحاباً) هو معطوف