قوله تعالى :
(وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ .. سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) ..
الحديث فى هذه الآية عن أهل سبأ أيضا ، وعما كان الله سبحانه وتعالى قد ألبسهم إياه من نعم .. فهو معطوف على قوله تعالى : (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ) على تقدير قلنا لهم : كلوا من رزق ربكم واشكروا له .. أي قلنا لهم ذلك ، وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ...
والقرى التي بارك الله فيها ، هى قرى أرض الشام ، التي كان يرحل إليها أهل سبأ ، ويتجرون معها ، وسميت قرى مباركة ، لأنها فى الأرض المباركة ، المقدسة ، كما يقول الله تعالى على لسان موسى : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ)
والقرى الظاهرة ، التي كانت بينهم وبين القرى المباركة ، هى ما كان يلقاهم على طريقهم من اليمن إلى الشام ، من منازل ، وقرى ، حيث يجدون فيها الأمن والراحة ..
وقوله تعالى (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) أي جعلناها صالحة للسير فيها ، والتنقل بينها ، كما فى قوله تعالى : (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) أي اضبطه ، وأحكم أمره ..
وقوله تعالى : (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) إشارة إلى هذه النعمة التي يجدها القوم على طريق تجارتهم إلى الشام ، حيث يسيرون فى هذه القرى ؛ تلك المنازل ليالى وأياما ، فى أمن وسلام ، لا يعترضهم فى طريقهم ما يخيفهم ، أو يفزعهم ..
وهذه نعمة من النعم العظيمة ، لا يدرك مداها إلا من عاش فى تلك المواطن