الحساب والجزاء ، فيجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، جزاء حسنا .. ويجزى الذي أساءوا السّوءى وعذاب الجحيم ..
وقد أطلق الجزاء الذي يجزى به الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فلم يقيد بأنه جزاء حسن للدلالة على أنه أمر واضح لا يحتاج إلى بيان .. إذ ليس للإحسان جزاء إلا الإحسان كما يقول سبحانه : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) (٦٠ : الرحمن)
وفى الإشارة إلى المؤمنين بقوله تعالى : (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) رفع لقدرهم ، وتنويه بمنزلتهم العالية فى مقام التكريم والإحسان .. وفى الضرب عن صفة الجزاء للذين سعوا فى آيات الله معاجزين ، إشارة إلى التعجيل بالجزاء السيّء لهم ، ومواجهتهم به بمجرد أن يعرضوا على الحساب .. إنه عذاب من رجز أليم ..
وفى الإشارة إليهم بقوله تعالى : (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) فضح لهم وكشف عن موقفهم الذليل فى مقام الخزي والهوان ..
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) إشارة إلى أنهم كانوا يخوضون فى آيات الله خوضا ، بغير حساب ، استخفافا بها ، وسخرية منها .. وهذا بعض السر فى تعدية الفعل «سعى» بحرف الجر «فى» الذي يفيد الظرفية.
وقوله تعالى : (مُعاجِزِينَ) حال لبيان الغاية من هذا السعى الآثم فى آيات الله ، وأنه لم يكن سعيا للإفادة منها ، والاهتداء بهديها ، وإنما هو سعى لحجبها عن الناس ، ولتعجيزها ، وإعجاز الناس عن الوصول إليها ..
قوله تعالى :
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).