أما على التقدير الثاني ، فيكون المعنى أنه لا يحلّ للنبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أن يتزوّج بعد نزول هذه الآية من أية امرأة أخرى .. بل يقف عند هذا الحدّ .. أما ما ملكت ، أو تملك يمينه بعد هذا من نساء فهنّ حلّ له ، على الإطلاق ..
وهذا هو الرأى الذي نعوّل عليه ، ونأخذ به ، وذلك لما يأتى :
أولا : هذا الأمر للنبىّ بالوقوف عند هذا الحدّ من التزوج بالنساء ، هو فى الواقع تخفيف عن النبىّ ، ورفع للحرج الذي يجده من حمل نفسه على التزوج ممن يهبن أنفسهن له ، وهنّ كثيرات ، طامعات في رضا الله بالقرب من الرسول والعمل على مرضاته .. وكذلك الشأن فيمن هن قريبات له ، وتعرض لهنّ ظروف قاسية ، تدعو النبي إلى موساتهن بضمهن إليه ، كمن يستشهد أزواجهن فى سبيل الله ..
فهذا لا شك تخفيف عن النبىّ ، ودفع للحرج ، بهذا الأمر السماوي الذي لا يجعل له سبيلا إلى التزوج بمن تهب نفسها له ، أو بمن تدعو الحال بضمها إليه ، وتزوجه منها ، من بنات عمه أو بنات عماته ، أو بنات خاله أو بنات خالاته ..
وثانيا : فى الإبقاء على حل ما ملك أو يملك النبي من إماء ، هو أيضا من باب التخفيف ودفع الحرج عن النبىّ .. وذلك لأن مئونة الإماء أخفّ ، إذ ليس لهن ما للحرائر الزوجات من حقوق تقابل ما للرجال عليهن من واجبات ..
وثالثا : وعلى هذا يكون ما جاء في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ..) الآية» هو إقرار للأمر الواقع ، ووصف كاشف للحباة الزوجية في بيت الرسول ، وما ضمّ من تلك الأصناف الأربعة التي ذكرتها الآية من أصناف النساء .. ويكون قوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ