من جزاء في الدنيا والآخرة ، وكان ذكر الله دائما ملء قلبه ، حتى يجد من هذا الذكر ما يستحضر به عظمة الله ، وفضله ، وإحسانه ، فيصبر على البلاء ، ويستخف بالحياة الدنيا في سبيل رضوان الله في الآخرة ..
قوله تعالى :
(وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً).
هذه صورة من صور التأسّى برسول الله ، يراها الذي ينظر إلى المؤمنين ، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. فهؤلاء المؤمنون حين رأوا الأحزاب لم يهنوا ، ولم يضعفوا ، ولم ترهبهم كثرة العدوّ ، ولم يفزعهم الموت المطلّ عليهم من كل مكان .. فالموت في هذا الموطن هو أمنيتهم التي كانوا يتمنونها على الله ، ويقدمونها ثمنا لإعزاز دين الله ، وإعلاء كلمة الله .. ولهذا فإنهم حين رأوا الأحزاب ، رأوا فيهم تحقيق ما وعدهم الله ورسوله به ، من الابتلاء والبلاء على طريق الجهاد في سبيل الله .. فالمؤمنون دائما على طريق الجهاد ، وعلى توقّع الصّدام مع العدوّ ، الذي يتربص بهم وبدينهم ، الدوائر وإن المؤمن في مرابطة مستمرة ، لحماية دين الله ، ولدفع ما يرمى به من سوء ، وردّ ما يراد به من كيد ..
ـ قوله تعالى : (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) يمكن أن يكون من كلام المؤمنين ، معطوفا على مقول قولهم : (هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) .. ويمكن ـ وهو الأولى عندنا ـ أن يكون تعقيبا على قولهم ، من الله سبحانه وتعالى ، أو بلسان الوجود الّذى إذا سمع قولهم : (هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ)!. نطق بلسان واحد : (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ).
ـ وقوله تعالى : (وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) فاعل الفعل «زادهم»