وفى قوله تعالى : (عاصِفَةً) إشارة إلى قوة انطلاق هذه الريح ، وأنها فى قوة العاصفة فى اندفاعها ، ولكنها فى رقّة النسيم ولينه فى سيرها ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى فى آية أخرى : (تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) (٣٦ : ص) فهى عاصفة ورخاء معا!!
هذا كلام الله!! ـ وفى قوله تعالى : (إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) إشارة إلى مسبح هذه الريح ومسراها ، وأنها لا تتجاوز حدود الأرض المقدسة ، ولا تعمل خارج سمائها ..
وهذا ما ينبغى أن يفهم عليه قوله تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) (١٢ : سبأ) فقد تضاربت أقوال المفسّرين فى هذه الريح ، وفى امتداد ملك سليمان بها ، وأنها كانت تقطع به ملكه فى شهر ذاهبة ، وشهر راجعة .. وهذا ما لا يتسع له ملك سليمان بحال أبدا ..
والمعنى الذي تفهم عليه هذه الآية الكريمة ، هو المعنى الذي يشعّ من قوله تعالى : (تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) وهو أنها فى (غُدُوُّها) أي مسراها فى غدوة النهار ، تقطع من المسافة ما يقطعه السائر على قدميه ، أو على دابته فى شهر .. كذلك (رَواحُها) وهو رجوعها آخر النهار .. يقدّر بمسيرة شهر للراجل أو الراكب .. والغدوة قد تكون ساعة أو ساعتين ، أو ثلاثا ، أو أكثر ، وكذلك الرّوحة.
قوله تعالى :
(وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ).
أي وسخرنا لسليمان (مِنَ الشَّياطِينِ) أي من بعض الشياطين لا كلّهم ،