يتصرف بها ، ويعمل حسب ما يسّره الله له .. وهذا يشعر بأن عملها هذا ليس عملا آليا ، وإنما هو عمل عن علم ، ذاتى ، أو خارج عن الذات .. فهو على أي حال عمل يحكمه علم ، حتى يحقق هذا التآلف ، والتجاوب بين موجودات الوجود ، فى حمد الله وتسبيحه ..
وقوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) إشارة إلى علم الله سبحانه وتعالى ، المحيط بكل شىء ، والعالم بكل ما يعلم الخلق وما يعملون ..
وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه من أن هذه المخلوقات لها علمها الذي تعمل به ، وأن لله سبحانه وتعالى علمه ، المحيط بعلمها وعملها جميعا!
قوله تعالى :
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ).
هو تأكيد لعلم الله بعلم المخلوقات ، وبعملها .. إذ هو علم متمكن ، لأنه علم الخالق لما خلق ، ومعرفة المالك لما ملك .. فقد يعلم الإنسان الشيء ولا يملكه ولا يقدر على التصرف فيه بمقتضى ما يعلم منه .. أما علم الله فهو علم المالك لما ملك ، يتصرف فيه كيف يشاء ، بما يقضى به علمه ، وحكمته ، وإرادته.
وفى قوله تعالى : (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) تأكيد للملكية ، وأنها ملكية لا تخرج عن سلطان المالك أبدا ، لا كملكية المالكين لما يملكون .. إذ أن كل ما يملكه الإنسان من شىء ، هو ذاهب عنه ، مقضىّ عليه بالفراق بينه وبين ما ملك .. إما بأن يستهلكه فى حياته ، وإمّا بأن يموت عنه ، ويخلّفه وراءه لمن يرثه من بعده .. أمّا ملكية الله سبحانه وتعالى لهذا الوجود وما فيه ، فهو ملك لا يخرج من يد المالك أبدا ، مهما تحولت أحواله ، وتبدّلت صوره وأشكاله ، فالمالكون ، وما يملكون صائرون جميعا إلى الله ..