وثالثا : سورة النور كلها محكمة ، وقد نوّه الله سبحانه وتعالى بها بقوله : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ..) فهى نور من نور ، وكل ما فيها بيّن جلّى ، وكلّ ما فيها مفروض لا نقض فيه ..
وإذن فتغريب المجلود ، والمجلودة ، عاما ، هو حكم زائد على ما نصّ عليه الحكم الصريح البين فى الآية .. وهذا يناقض ما جاء فى مطلع السورة من أنها سورة فرضها الله وأنزل فيها آيات بينات ، واختصاصها بهذه الأوصاف ـ مع أن كل القرآن على هذه الصفة ـ مزيد عناية بها ، وتأكيد بأنه لا يدخلها نسخ ، إن كان هناك نسخ.
وقد ذهب كثير من الأئمة والفقهاء إلى القول بأن لا تغريب مع الجلد .. ويروى عن الإمام علىّ كرم الله وجهه أنه كان يقول : «كفى بالتغريب فتنة». وإذا كان للتغريب حكمة فى أنه يبعد المجلود أو المجلودة عن محيطهما الذي ارتكبا فيه الفاحشة ، ويباعد بينهما وبين الأعين التي ترميمهما بالازدراء ، والألسنة التي تقذفهما بالسوء ـ إذا كان للتغريب هذا ، فإن فيه ما ينسى الناس العبرة والعظة التي يجدونها كلما طالعوا وجه المجلودين ، كما أن المجلودين ـ إذا بعدا عن موقع الجريمة ، وعن شهودها ، خف عنهم أثرها ، وزال وشيكا وقعها .. ثم إن الغربة ـ كما يقول الإمام علىّ ـ فتنة قائمة بذاتها ..!!
ورابعا : الأحاديث التي تروى عن عمر بن الخطاب فيها اضطراب ، وتناقض .. فما ينسب إلى عمر أنه قال : «إن ناسا يقولون : «ما الرجم فى كتاب الله وإنما فيه الجلد ..» هذا غير معقول أن يقول به عمر ، وأحداث الرجم التي وقعت بأمر رسول الله لا تزال حديث الناس .. والمسلمون يعلمون أن الرسول مبيّن لكتاب الله ، وأن قوله وعمله ـ فيما يتعلق بالشريعة ـ شرع .. فمحال إذن