وهذا الجلد .. غير منكور ما فيه من استخفاف بإنسانية الإنسان ، وامتهان لكرامته ، وإسقاط لمروءته!
نعم .. إن الإسلام يأخذ هذا «الإنسان!» بكل هذا التجريم والتجريح ، فى مقابل جنايته تلك التي جناها على المجتمع ..
وكيف يرعى الإسلام ، حرمة فرد ـ رجلا كان أو امرأة ـ لم يرع إنسانيته ، ولم يحفل بمروءته؟
وكيف يقبل منه هذا العدوان الصارخ على المجتمع ، وهذا التحدّى المجنون لحرمة الجماعة وحيائها ، دون أن يذيقه من الكأس التي سقى منها مجتمعا كاملا؟ وكيف لا يلبسه هذا الثوب من المذلة والهوان والاستخفاف ، وقد ألبس هو المجتمع هذه الملابس جميعها؟
إن أقلّ ما ينبغى أن ينال مقترقى هذا الإثم ـ فى علانية وفى غير مبالاة ـ هو أن يكون العقاب المسلط عليهما قائما على العلانية ، وعدم المبالاة بهما.
أما المحصنون الذين يضبطهم المجتمع على تلك الحال ، ويقيم الشهادة عليهم ، فقد نزلوا دركات بعيدة عن هذا المستوي المنحط الذي نزل إليه غير المحصنين ، إذ لا يجدون عند الله ، ولا عند الناس شيئا من العذر الذي قد يقوم لغير المحصنين .. ولهذا كان عقابهم أن يدفنوا فى هذه الحفرة التي حفروها لأنفسهم ، وأن يقذفهم المجتمع بالأحجار التي قذفوه بها ، حتى تزهق أرواحهم.
* * *
إن جريمة الزنا ، لا يلقاها الإسلام بهذا العقاب الدنيوي الراصد الزاجر ، إلا حين تتحول عند مرتكبيها إلى عمل غير منكر ، فيأتيه من يأتيه منهم ،