وفى وصفها بأنها (تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) ـ مع أنها تخرج من مواطن كثيرة من الأرض ـ إشارة إلى أنها ولدت أول ما ولدت فى هذا الموطن المبارك ، طور سيناء .. فذلك هو مسقط رأسها الأول ، وذلك هو الرّحم الطاهر الذي خرجت منه .. فكل أشجار الزيتون ممسوسة بنفحة من هذه الأمّ التي ولدتها تلك الشجرة التي تفتق عنها رحم هذا المكان الطاهر المبارك ..
ـ وقوله تعالى : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) أي تنبت وفى كيانها الدهن ، وهو الزيت الذي يخرج منها ، ويعصر من ثمارها ..
ـ وقوله تعالى : (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) .. معطوف على الدهن ، والصبغ الإدام ، الذي يصبغ اللقمة من الطعام حين تغمس فى الزيت ، فتصطبغ به ، وتتلوّن بلونه ، وتصبح مشتهاة للآكلين ..
قوله تعالى :
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ).
هو إلفات إلى هذه الأنعام المسخرة للإنسان ، وما فيها من منافع كثيرة له.
وأعجب ما فى هذه الأنعام ، هذا اللبن الذي يخرج من بطونها ، من بين فرث ودم .. فلا يأخذ من لون الدم ، أو ريح الفرث شيئا ، على حين أنه يجرى بينهما ، ويأخذ مسلكه الدقيق معهما .. ففى ذلك شاهد من شواهد قدرة الله وإحكام تدبيره وتفرّده سبحانه بالخلق والتدبير.
قوله تعالى :
(وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ).
أي أن من هذه الأنعام ما يتخذ للركوب ولحمل الأثقال ، كما تتخذ الفلك مراكب للانتقال وحمل الأثقال ..