ثم كانت حصيلة هذه النّذر ، هؤلاء المؤمنين الذين دخلوا فى دين الله ، واستجابوا لرسول الله .. فكان أن دعاهم الله سبحانه وتعالى إليه ، وخصّهم بخطابه ، ورفدهم بوصاياه ، ليثبتوا على الإيمان ، وليعملوا على طريق الإيمان ، وليغرسوا فى مغارسه.
فقال سبحانه ، مخاطبا عباده المؤمنين :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا .. ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، فليس الإيمان بالله مجرد كلمة ينطق بها اللسان ، وإنما الإيمان : قول ، وعمل ، إقرار باللسان ، واعتقاد فى القلب ، وعمل بالجوارح .. فالدعوة إلى الركوع والسجود ـ وهما من أركان الصلاة ـ دعوة إلى الصلاة ، وأمر بإقامتها كاملة ، وأدائها على وجهها ، وما تقضى به من ولاء وخشوع لله ربّ العالمين : (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) .. فالركوع والسجود ليسا مجرد حركتين من حركات الجسد ، وإنما هما ـ قبل كل شىء ـ خضوع بالقلب ، وخشوع بالنفس ، وتسربل بحال من الرهبة والخشية لله ، بحيث يجد الإنسان لهذه الرهبة والخشية ما يندكّ به بناؤه الجسدى ، فيركع تحت وطأة هذا الحمل الثقيل. ثم لا يلبث أن يهوى ساجدا حتى يضع جبهته على الأرض .. وهنا يجد الرضا من ربّه ، والكرامة والتكريم من سيده .. فيدعوه إلى أن يرفع وجهه عن هذا التراب الذي لصق به ..
وهكذا ، يظل المصلّى بين يدى الله ، فى ركوع وسجود ، وفى خفض ورفع ، حتى يختم صلاته ، وهو متمكن على هذه الأرض ، مسئول عليها استيلاء ذى السلطان على سلطانه!
وقوله تعالى : (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) هو أمر بالعبادة مطلقا ، فيما فرض الله من عبادات غير الصلاة ، كالصوم ، والزكاة ، والحج ، وفيما أمر به من ذكره