وأخبتوا له ، ولا متلأت قلوبهم خشية ورهبة لسلطانه العظيم ، الآخذ بناصية كل شىء ، ولأفادوا من ذلك علما كثيرا يمكّن لهم فى الأرض ، ويسخر لهم من قواها مازال متأبيا عليهم ، بعيدا عن متناول أيديهم ..
فالإيمان لا يقع من القلب موقع الاستقرار والاطمئنان ، إلا إذا جاء عن علم بالله ، وبما لله من صفات الجلال والكمال ..
قوله تعالى :
(وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ).
هو إلفات إلى ما صنع الله سبحانه وتعالى بالأرض ، بعد أن فصلها عن مادة الوجود ، وصورها على تلك الصورة .. فقد جعل الله سبحانه وتعالى فيها جبالا راسية ثابتة ، تشدّها ، وتمسك بها أن تميد وتضطرب ، وجعل فى هذه الجبال فجاجا ، أي فجوات ، وهى سبل يسلكها الناس فى انتقالهم من جهة إلى أخرى. ويجعلون منها معالم يتعرفون منها إلى الأماكن والجهات ، حتى لا يضلّوا فى أسفارهم ..
قوله تعالى :
(وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ).
وكما أوجد الله سبحانه الأرض على هذه الصورة ، وجعل فيها رواسى ، وفجاجا سبلا ، كذلك أقام السماء كما نرى ، سقفا محفوظا بيد القدرة ، فلا يقع علينا ..
وفى قوله تعالى : (وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) إشارة إلى ما فى السماء