أي فى هذا اليوم ، يكون الملك لله وحده ، لا يملك أحد لنفسه أو لأحد شيئا ..
وفى هذا الموقف يفصل الله بين عباده ، ويقضى بالحقّ بينهم .. فالذين آمنوا وعملوا الصالحات فى جنات النعيم ، ينعمون برضوان الله ، ويخلدون فى رحمته .. وأما الذين كفروا وكذبوا بآيات الله ، وجادلوا بالباطل فيها ، فأولئك لهم عذاب مهين ، يذلّهم ويخزيهم.
وفى تخصيص الملك لله فى هذا اليوم ، مع أن الملك لله أبدا ، فى هذا اليوم وفى كل يوم ، إشارة إلى أن هذا اليوم يتجرد فيه كل ذى سلطان من سلطانه ، وكل ذى قوة من قوته ، وكل ذى مال من ماله ، فلا تصريف لأحد ، فى الظاهر أو الباطن ، كما للناس تصريف ـ فى الظاهر ـ فيما خوّلهم الله من سلطان ، وأموال .. فى هذه الدنيا
ثم يجىء قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ* لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ..)
هو إشارة إلى إحكام الله لآياته ، بعد أن نسخ ما ألقى الشيطان فيها .. فهؤلاء الذين هاجروا فى سبيل الله ، فرارا بدينهم ، ثم قتلوا استشهادا فى سبيل الله ، أو ماتوا ميتة طبيعية ـ هم من الذين أحكم الله آياته فيهم ، فنجاهم من الافتتان فى دينهم ، وجزاهم على صبرهم على هذا الابتلاء فى أموالهم وأنفسهم ، أجرا عظيما ، حيث رزقهم أطيب رزق وأكرمه ، وهو الحق الذي معهم ، والإيمان الذي عمر قلوبهم ، ثم النّصر على عدوّهم ، والتمكين لهم فى الأرض. ثم الرزق الأعظم بهذا الفوز بجنّات النعيم فى الآخرة .. (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ومن عطائه الجزيل الجليل ، هذا النعيم الذي ينعم به المؤمنون فى