بالنصر فى قوله تعالى : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ..)
فالذين أخرجوا من ديارهم بغير حق ، وهم المهاجرون ـ هم الذين وعدوا بالنصر ، لأنهم نصروا الله ، فخرجوا من ديارهم وأموالهم ، مهاجرين بدينهم الذي هو كل حظهم من هذه الدنيا ، والذي باعوا من أجله أنفسهم وأموالهم وديارهم وأوطانهم ..
وقوله تعالى : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) ـ هو عرض للصورة الكريمة التي سيكون عليها هؤلاء المؤمنون الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق ، وذلك حين ينصرهم الله ، ويمكّن لهم فى الأرض ، وتكون لهم القوة والغلب ..
إنهم ـ مع ما ملكت أيديهم من قوة ، وما مكّن الله سبحانه وتعالى لهم فى الأرض من سلطان ـ لن يكونوا على شاكلة هؤلاء الضالّين الذين كانت إلى أيديهم القوة والسلطان ، فتسلطوا على عباد الله ، ورهقوهم ، وأخذوهم بالبأساء والضراء ، وأخرجوهم من ديارهم بغير حق ..
إن هؤلاء المؤمنين ، حين يمكّن الله لهم فى الأرض ، سيكونون مصابيح هدى ، وينابيع رحمة ، للإنسانية كلها ، بما يقيمون فيها من موازين الحق ، والعدل ، وما يغرسون فى آفاقها من مغارس الخير والإحسان .. إنهم يقيمون الصلاة ، ليستمدوا منها أمداد الهدى من الله .. ويؤتون الزكاة ، فيكشفون بها الضرّ عن عباد الله .. ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .. فيصلحون بهذا من سلوك الناس ، ويقيمون لهم طرقهم مستقيمة ، فلا تتصادم منازعهم ، ولا تفسد مشاربهم ..
وقد صدق الله وعده ، ومكن سبحانه وتعالى للمؤمنين فى الأرض ، فكانوا أعلام هدى ، وآيات رحمة ، وموازين عدل وإحسان بين الناس ..