ـ وقوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً) .. هو إشارة إلى هذا الصدام الذي يقوم بين أهل الشر والضلال ، وأهل الخير والإيمان ، وأنه لو لا أهل الخير والإيمان ، ووقوفهم فى وجه الضالين والباغين ـ لما قام لله دين على هذه الأرض ، ولغلب الشر الضلال ، ولأنى على كل صالحة فى هذه الدنيا ، ولخربت بيوت العبادة التي أقامها المؤمنون لعبادة الله من (صَوامِعُ) وهى بيوت عبادة الرهبان من النصارى ، (وَبِيَعٌ) وهى بيوت عبادة النصارى عامة ، (وَصَلَواتٌ) وهى بيوت عبادة اليهود ، (وَمَساجِدُ) وهى بيوت عبادة المسلمين ..
ومن أجل هذا ، فقد أقام الله سبحانه وتعالى ، فى كل ملة ، وفى كل أمّة ، جماعة مؤمنة ، تقيم شرع الله ، وتحيى شعائره ، وتعمر بيوته ، وتحتمل فى سبيل هذا ما تحتمل من بلاء ، فى دفع الظالمين ، وردع الباغين ..
فهذا الصّدام القائم بين الهدى والضلال ، وبين المهتدين والضّالّين ، هو سنّة من سنن الله ، التي أقام حياة الناس عليها ، والتي كان من ثمارها أن قامت بيوت الله ، وعمرت بالمؤمنين الذاكرين الله كثيرا فيها ..
وفى هذا دعوة المؤمنين ـ فى صدر الدعوة الإسلامية خاصة ـ أن يكونوا جند الله فى هذه الأرض ، والحماة المدافعين عن دينه ، والمقيمين مساجده ، والمعمّرين ساحاتها بذكر الله فيها ..
وفى هذا أيضا إشارة إلى أنه سيكون للمسلمين مساجد ، وأن هذه المساجد ستعمر بالمصلين والذاكرين الله كثيرا فيها .. وهو وعد كريم من ربّ كريم ، لجماعة المؤمنين يومئذ .. وقد تحقق هذا الوعد ـ وكان لا بد أن