لجوارح الطير .. أو تقذف به الريح فى مكان سحيق ، كبطن محيط ، أو غور بئر .. فلا يخفّ أحد لنجدته ..
قوله تعالى :
(ذلِكَ .. وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
الشعائر جمع شعيرة : وهى ما يستجيش مشاعر الإنسان ، ويحرك وجدانه .. ويراد بالشعائر ، العبادات ، والطاعات ، وكلّ ما يتقرب به العبد إلى الله.
ويذهب أكثر المفسّرين إلى أن الشعائر هنا ، هى الهدى المساق إلى الحرم ، وأنها إنما سمّيت شعائر لأنها تشعر أي تعلم بشعيرة ـ أي حديدة ـ تشرط بها فى الجانب الأيمن من سنامها ..
والرأى عندنا ـ والله أعلم ـ هو ما ذهبنا إليه ، من أن المراد بالشعائر هنا العبادات كلها ، ومنها مناسك الحج ، وأعماله ، ومنها الهدى أيضا.
أما تعظيم شعائر الله ، فهو فى أدائها على وجهها ، فى اطمئنان ، وإخبات لله ، وولاء لجلاله وعظمته ..
وأما تعظيم شعيرة «الهدى» فهو برعايتها ، وإكرامها ، وإنزالها من النفس منزلة الإعزاز. لأنها منذ الوقت الذي اختيرت فيه لتكون هديا ، قد أصبحت خالصة لله ، وأنها منذ ذلك الوقت إلى يوم النحر فى ضيافة مهديها إلى الله .. ولهذا وجب عليه أن يكرمها ، ويحسن ضيافتها ، فلا يركبها ، ولا يحمل عليها ، ولا يعرّيها من أصوافها وأوبارها ، ما دام قد أعدّها للهدى ..
ثم إن من أمارات الإكرام لها أن تعلم بعلامة مميزة لها ، وأن تعلق فى رقبتها قلادة ، تحلّيها وتزينها ، وتجعل لها ميزة على غيرها ..