أي أن هذا الضالّ ، الذي يعبد الله على حرف ، إذا ولّى وجهه إلى غير الله ، حين يبتلى من الله بضر ـ فإنما يزداد ضلالا إلى ضلال ، وابتلاء إلى ابتلاء ، لأنه يفرّ من وجه الله ، ويفزع من بلائه إلى من لا يملك ضرّا ولا نفعا ..
إنه جهد ضائع ، وعمل فاسد .. وذلك هو الضلال البعيد ..
وفى تقديم الضرّ على النّفع ، إشارة إلى أن هذه المعبودات التي تعبد من دون الله ، لا تملك الضرّ ، الذي يملكه لله وحده ، والذي يفرّ منه هذا الضال الذي إن شاء الله ضاعف عليه البلاء ، ورماه بالضرّ بعد الضرّ .. ففى هذا تهديد لهذا الضال ، أن يأخذه الله ، بابتلاء آخر ، يتبع هذا الابتلاء الذي ابتلى به ، وكفر بالله من أجله ..
قوله تعالى :
(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ).
أي أن هذا الضال الذي دعا غير الله لكشف ضرّه ، إنما يدعو من يضرّ ولا ينفع ، وفيه يصدق قول القائل :
المستجير بعمرو عند كربته |
|
كالمستجير من الرمضاء بالنّار |
فالالتجاء إلى غير الله ، مضلة ، إذ لا يملك أحد معه من الأمر شيئا .. (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) (١٠٧ : يونس).
وهؤلاء الذين يلجأ إليهم المكروبون ، من أصنام ، أو حيوان ، أو إنسان ، إنما ضرّهم أقرب وأكثر من نفعهم .. ذلك أنهم إن وجد فيها عابدوهم بعض الراحة النفسية بما يداعب خيالهم من آمال كاذبة ، وهم يفزعون إليهم ،