إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التّفسير القرآني للقرآن [ ج ٩ ]

11/533
*

القرية ، وخوفا من أن ينهار عليهم بنيانها ، أو تخسف بهم أرضها.

قوله تعالى :

(لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ).

هذا هو صوت الحال ينادبهم : إلى أين؟ قفوا حيث أنتم ، ولا تركضوا كركض الحمر المستنفرة .. إنكم لن تفلتوا من هذا البلاء النازل بكم ..

ولمن تتركون دياركم وما حشدتم فيها من متاع ، وما جلبتم إليها من متع؟.

وكيف تتركون هذا الذي أنتم فيه من ترف ونعيم؟ ارجعوا .. أفتذهبون وتتركون هذا الذي أذهبتم حياتكم ، واستهلكتم أعماركم فى إعداده وجمعه؟ ارجعوا ، ولو كان فى ذلك هلاككم .. إن السفينة لتغرق ويغرق معها كل شىء لكم .. فما حياتكم بعد هذا؟

وفى قوله تعالى : (وَمَساكِنِكُمْ) إشارة إلى ما للوطن ، والسّكن ، من مكان مكين فى قلب الإنسان .. وأنه شىء أحبّ وآثر من كل ما يحرص الإنسان عليه ، وأن نعيم الإنسان لا يجتمع إلا فيه ، ولا يتمّ إلا به .. وإن الغريب الذي لا وطن له ولا سكن ، هو إنسان ضائع شقىّ ، وإن طعم أطيب المطاعم ، ولبس أفخر الملابس ، ونزل أحسن المنازل .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) (٦٦ : النساء).

فجاء هنا الخروج من الديار ، معادلا لقتل النفس!

وفى قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) استهزاء بهم ، وسخرية من مشاعرهم