(قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) ..
هو بيان لقدرة الله ، ونفوذ سلطانه ، وتفرده بالألوهية .. وأن كلماته ، وهى التي تنفذ بها مشيئته فى خلقه ، لا تنفد أبدا ، يقول الحق جلّ وعلا للأمر (كُنْ فَيَكُونُ) .. وهذا يعنى دوام الأمر والخلق أبدا .. كما يقول سبحانه : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ .. تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٥٤ : الأعراف).
ـ وقوله تعالى : (لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) هو مثل قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) (٢٧ : لقمان) وهذا كله تصوير لقدرة الله ، وبسطة سلطانه ، وقيوميته على كل شىء.
قوله تعالى :
(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).
بهذه الآية تختم سورة الكهف ، بتقرير بشريّة الرسول ، وأنه وجميع رسل الله ، ليسوا إلا خلقا من خلق الله ، وعبيدا من عبيده ، اختصهم الله برحمته ، واصطفاهم لرسالته ..
وكما تقرر الآية بشريّة الرسول ، تقرّر الطريق السّوىّ الذي ينبغى أن يستقيم عليه الإنسان كى يكون فى عباده الله الصالحين المؤمنين .. وهذا الطريق إنما يقوم على الإيمان بالله ، وباليوم الآخر ، والعمل الصالح ، الذي لا يجد الإنسان غيره فى هذا اليوم ، مركبا يدفع به إلى شاطىء الأمن والسلام ، ويفتح له أبواب الجنة والرضوان ..