التفسير :
* قوله تعالى : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً* وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً* الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً).
هو معطوف على قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) .. أي أنه إذا جاء الأجل الموقوت عند الله لقيام ـ هذا السدّ وبقائه ـ دكّ هذا الرّدم الذي أقامه ذو القرنين ، وانطلقت جماعات يأجوج ومأجوج إلى ما كانت تنطلق إليه من قبل ، ونفذت إلى هؤلاء القوم الذين احتموا من عدوانهم بهذا الردم .. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ..) (٩٦ ـ ٩٧ : الأنبياء).
ـ فقوله تعالى : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) يبيّن ما سيقع فى هذا اليوم ، أي اليوم الذي يأذن فيه الله سبحانه وتعالى بزوال هذا السدّ من مكانه ، ونهاية دوره .. ففى هذا اليوم ـ وهو أيام وأعوام ـ تتبدل معالم الأرض ، وينهال هذا الردم ، ويفتح السدّ فيما بين يأجوج ومأجوج ، وبين الجماعات المتحضرة التي كانت فى حماية بهذا السدّ من فسادها .. وعندئذ يختلط بعضهم ببعض ، ويموج بعضهم فى بعض ، وتعصف بهم عواصف الشرّ والفساد حتى يفنى بعضهم بعضا. ثم بعد قليل أو كثير من الزمن ، ينفخ فى الصور ، فيبعث الموتى من قبورهم ، ويساقون إلى المحشر ، وعندئذ يرى الكافرون جهنم بارزة ، يتلظى لهيبها .. كما يقول سبحانه : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) (٥٣ : الكهف).