وهو ـ سبحانه ـ يحبّ أسماءه وصفاته ، ويحبّ ظهور آثارها فى خلقه ، فإن ذلك من لوازم كماله ..
فإنه ـ سبحانه ـ وتر يحبّ الوتر .. جميل ، يحبّ الجمال .. عليم ، يحبّ العلماء .. جواد ، يحبّ الأجواد .. قوىّ ، والمؤمن القوىّ أحبّ إليه من المؤمن الضعيف .. حيىّ ، يحبّ أهل الحياء .. وفىّ ، يحبّ أهل الوفاء .. شكور ، يحبّ الشاكرين .. صادق ، يحبّ الصادقين .. محسن ، يحبّ المحسنين ..
«فإذا كان ـ سبحانه ـ يحبّ العفو ، والمغفرة ، والحلم ، والصفح ، والستر ـ لم يكن بدّ من تقدير الأسباب التي تظهر آثار هذه الصفات فيها ، ويستدلّ بها عباده على كمال أسمائه وصفاته ، ويكون ذلك أدعى إلى محبته ، وحمده ، وتمجيده ، والثناء عليه بما هو أهله .. فتحصل الغاية التي خلق لها الخلق .. وإن فاتت من بعضهم ، فذلك الفوت سبب لكمالها وظهورها ..
«فتضمّن ذلك الفوت المكروه له ـ سبحانه ـ أمرا هو أحبّ إليه من عدمه!
«فتأمّل ، هذا الموضع حق التأمل ..
«وهذا ينكشف يوم القيامة للخليقة بأجمعهم ، حين يجمعهم فى صعيد واحد ، ويوصّل لكل نفس ما ينبغى إيصاله إليها من الخير والشرّ ، واللذة والألم ، حتى مثقال الذّرة ، ويوصّل كلّ نفس إلى غاياتها التي تشهد هى أنّها أولى بها ..
«فحينئذ ينطق الكون بأجمعه ، بحمده ، تبارك وتعالى ، قالا (أي قولا) وحالا ، كما قال سبحانه وتعالى : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فحذف