كثيفا كما كان .. كل ذلك فى لحظة خاطفة كلمح البصر أو هو أقرب ، دون أن يخرج الجسد عن سلطان «الروح» فى حالى تحليله أو تركيبه ..! وذلك هو الإعجاز أو المعجزة التي تظهر من انتقال النبي الكريم بجسده الشريف إلى المسجد الأقصى ، أو العروج به إلى السماء فى طرفة عين!
* * *
ونعود بعد هذا ، فنقول : إن الخلاف فى أن الإسراء والمعراج ، كان بالجسد ، وبالروح ، خلاف لا يؤثر فى حقيقة الإسراء ، وما نال الرسول الكريم فيه من ألطاف ربه ، وما رأى من آياته .. وإن قدرة الله سبحانه وتعالى لا تتقيد بتلك القيود التي تحكمها الضرورات البشرية ، وخير من هذا الخلاف الذي يذهب بجلال الإسراء ، ويعبث بالستر الخفىّ الملقى عليه من عالم الروح ـ خير من هذا أن ننظر إلى الرسول الكريم فى موكب جلاله وعظمته ، تحفّ به ألطاف ربه ، وتحدوه رعايته ، إلى حيث يسبح فى عالم الحق ، ويطعم بروحه من طيبات الملأ الأعلى ..
أما أن نجسّد العالم العلوىّ ، ونحيله إلى أشياء من عالم التراب الذي نعيش فيه ، فذلك مما يهوّن من خطر الإسراء والمعراج ، ويزرى بقدرهما ، ويبخس من قيمتهما ..
إن الذي يطالع قصة الإسراء والمعراج ، على تلك الصورة أو الصور المجسدة التي تعرضها كتب السيرة ، والتفسير ، ليموت فى نفسه كثير من تلك المشاعر الروحية ، التي كان خليقا أن يثيرها فيه حديث الإسراء والمعراج ، لو أزيح من طريقه هذا الركام الكثير من العوائق والسدود .. ولا تنخدع لتلك الأصباغ الساذجة التي يلطخ بها القصاص وجه الحقائق المادية ، ليحعلوا لها بتلك الأصباغ وجها تدخل به إلى العالم العلوىّ .. فإن هذا «المكياج»