هذا ما ينبغى أن نقف عنده من حديث الإسراء ، فإذا كان لنا أن نمدّ النظر إلى ماوراء هذا ، فهو ما جاء من ذكر المسجد الأقصى ، وجعله معلما من معالم الإسلام ، يناظر المسجد الحرام .. وفى هذا ، ما يصل مشاعر المسلمين بهذين المسجدين ، ويجعلهما معا آيتين من آيات الله فى الأرض ، يستظلّ المسلمون بظلهما ، ويقومون على عمارتهما وتأمين السّبل إليهما .. وهذا لا يكون إلا إذا كان هذان المسجدان داخل دار الإسلام ، وتحت يد المسلمين ، الأمر الذي يكشف عن وجه من وجوه إعجاز القرآن ، فى إخباره بالغيب ، الذي لم يكن يقع لنظر أحد من المسلمين يومذاك ، أو يدور فى خواطرهم ..
وقد مكّن الله للمسلمين من المسجد الأقصى ، ودخل هو وما حوله فى دار الإسلام ، منذ خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى اليوم ، وإلى ما بعد اليوم ، وإلى يوم الدين .. وإنه على رغم ما بذل أعداء الإسلام من جهود فى إخراج هذا البيت من يد المسلمين ـ فإنه لا يلبث أن يعود إليهم ، كما يعود إليهم ، كما يعود المسافر إلى أهله ، بعد رحلة ، قد تطول وقد تقصر!
ونحن نكتب هذا ، فى سنة ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين من الهجرة (١٩٦٩ من الميلاد) وبيت المقدس فى يد اليهود ، منذ عامين تقريبا ، اليهود الذين عملوا لذلك من قبل ظهور الإسلام يوم كانوا خاضعين لحكم الرومان ، ثم عملوا له بعد الإسلام ، فأشعلوا الفتن ، وأقاموا الحروب ، وأغروا النصارى بالمسلمين ، حتى وقع الشر بينهم فى تلك الحروب التي اتصلت نحو قرنين ، والتي عرفت بالحروب الصليبية ..
ـ كل هذا ليجد اليهود فرصتهم إلى هذا البيت الحرام ، وها هم أولاء قد وجدوها اليوم ، مستعينين بأموالهم ، وسلطانهم على أمريكا ، التي ساندتهم ، ووقفت وراءهم ، وأمدتهم بالعتاد والرجال والأموال ..
ولا ندرى السبيل الذي نستردّ به هذا البيت .. أهو بالحرب أم بالسلم ،