هُدىً) ، إشارة إلى أنهم اتجهوا إلى الله ، ووضعوا أقدامهم على الطريق إليه ، فاستقبلهم الله سبحانه وتعالى بألطافه على الطريق ، ودفع بهم إلى مرفأ الأمن والسلامة .. وهذا يعنى أنه مطلوب من الإنسان أن يتحرك نحو الغاية التي يقصدها ، فإن كانت حركته على طريق الخير ، وجد من الله سبحانه العون والسداد ، وإن كان على طريق الضلال والفساد ، تركه الله لهواه ، وأسلمه لشيطانه ..!
ـ وفى قوله تعالى : (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) ـ فى هذا توكيد للعون الذي أمدّهم الله به ، منذ أن اتجهت قلوبهم إليه ، وانعقدت نيّاتهم على الإيمان به.
ـ وفى قوله تعالى : (إِذْ قامُوا) إشارة إلى أن ما تتجه إليه القلوب ، وتنعقد عليه النيّات ـ وإن كان مقدّمة طيبة من مقدمات الفوز والنجاح ـ سيظلّ جسدا هامدا ، حتى تنفخ فيه الإرادة ، وينضحه العمل ، فإذا هو كائن سوىّ الخلق ، دانى القطوف.
وهؤلاء الفتية ، لم يقفوا عند حدّ النيّة ، بل «قاموا» أي تحركوا ، وعملوا ، فربط الله على قلوبهم تلك التي اتجهت إليه ، وشدّ على هذه النيّات التي انعقدت على الإيمان به ..
* * *
وإذ يتجه الفتية إلى الله هذا الاتجاه القوىّ الخالص من شوائب الشرك ، وإذ تفيض قلوبهم إيمانا يباعد بينهم وبين قومهم ، فلا يشاركونهم فيما هم فيه من ضلال الوثنية وسخافاتها ـ عندئذ يجدون أنهم غرباء فى قومهم ، معرضون للسخط ، والإزدراء ، ثم القطيعة ، ثم الطرد ، وربما القتل!
إنهم قلة صالحة فى مجتمع فاسد .. فليطلبوا لهم وجها فى الأرض .. والا ساءت