عليها ، كما يقول سبحانه : (هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٧٨ : الحج) .. فالله سبحانه ، قد اجتبى هذه الأمة واصطفاها ، ليخرج منها خير أمة أخرجت للناس ..!
هذا ، هو المعنى الذي أطمئن إلى فهم الآية الكريمة عليه ، وإن كنت فى هذا لا أعرف أن أحدا من المفسرين قد نظر إليه ، أو عدّه مقولة من تلك المقولات الكثيرة التي قيلت فى تفسير هذه الآية ، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدى لو لا أن هدانا الله ..
وفى تعدية الفعل «يجعل» باللام «له» بدلا من «فى» ـ إشارة إلى أن هذا العوج الذي جاء فى الكتب السابقة ـ تأديبا وتقويما ـ لم يكن فى أصل هذه الكتب ، وإنما هو «لها» أي أداة من الأدوات التي تملكها ، لتؤدب بها الطغاة المتمردين .. فهذا العوج هو شىء تملكه ، وهو خارج عن ذاتها ، وطبيعتها ..
وقوله تعالى :
* (قَيِّماً) .. هو حال أخرى ، من أحوال هذا الكتاب الذي أنزله الله مستقيما لا عوج فيه ..
والقيّم : هو الذي يهيمن على غيره ، ويضبط موارده ومصادره ..
وذلك هو شأن القرآن الكريم ، مع الكتب السماوية التي سبقته ، كما يقول سبحانه وتعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (٤٨ : المائدة).
قوله تعالى :
* (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً* ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً).